رفعت الوشاح الأسود

تبدو امرأةً أخري ..أعدتُ النظر أكثر من مرة في تلك

السيدة التي تتجه نحوي بابتسامة عذبة ..لا أُنكر أن

شيئا ما قد شدني إليها ..وهي لا تزال قادمةٌ إلي بوقار

وجهها يرسم ابتسامةً ساحرة ..لقد وجدتُ نفسي أمام

ذات الوشاح الأسود وجها لوجه .. هل عرفتني ..؟

سألتني بعذوبة قاتلة ..أنا في الحقيقة كنتُ مشدوها

ومذهلاً ..ومر زمنٌ كلأنه قرنٌ من السنين ..

آه ..نعم ..ولم لا ..؟ أجبتُ من فوري حتي قبل أن

أتأكد من صحة جوابي ..لكنني قد اصبت كبد الحقيقة

أنتِ .........., وكشفت إجابتي سر سنوات طويلة

مضت من عمرنا ..لقد تبدل فيها كل شيء تقريبا ..

لم تُخفِ عني خصلات شعرها البيضاء ...ولا حتي

بشرتها التي صارت أكبر بفعل السنين ..سنوات

لم نلقي فيها يوما واحدا رغم تواجدنا في نفس

المدينة ..لم نحاول ..علي الأقل أنا لأم أُحاول قط

أن أبحث ولا أن أسأل عنها ..لأننا يوم افترقنا

قررنا أن يموت كل شيء وإلي الأبد ..كانت تلك

السيدة حبيبتي ..ورفيقة أحلامي ثم انتهي كل

شيء فجأة كما أراد لنا القدر ووالدها كما يُقال

بجرة قلم ..وأنا لا ألومها ولم أفعل لامتثالها

لرغبة والدها ..وانتهت يوما قصة حب عنيفة

كانت مليئة بالحب والعشق والقناديل ..كانت

قريبة مني دائما ..كنا معا معظم الوقت في تحد

غريب ..مازلتُ أذكر كل شيء فيها ..وكل ما

فيها كان في منتهي الروعة ..تذكرت في تلك

اللحظة يوم أن كنا معا نجلس باطمئنان ..معا

نحلم بالأطفال ومواسم الربيع الزاهية ..ونُخطط

لتِجوال كبير بحجم الأرض ..لم نفكر لحظة في

أننا سنفترق ..ولذا كان فراقنا غريبا كما كان

حبنا هو الآخر غريبا ..نعود ..سلمتُ عليها ..

وتخيلت ذات الملمس البالغ النعومة في تلك

السنين ..وددتُ أن أحضنها بقوة ..تُري هل

ستعرفُ وجنتيها ملمس يدي أم أن يدًا أخري

اعتادت عليها فامتلكتها ..ليتها ما عادت اليوم

ولا مرت من هنا أبدا ..لتني كنت قد سافرتُ

بالأمس ولم أُؤجل سفري وكأن قدري يدبر لي

هذه المكيدة المتعبة ..لم تكن لدي أسئلةٌ لها ولا

هي فعلت ..ترحاب ..ووجومٌ رهيب ..وددعتها

وما كنت أريد وداعها ..لأنني يوم تركنا بعضنا

لآخر مرة ..لم ألتفت ورائي أبدا لوداعها ...